بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله. في هذه المقالة أود أن آخذك لواحدة من أهم المواضيع التي يتضرر منها الجميع دون الشعور بوجود مشكلة كبيرة سوى الموظف والمجتمع. أما أكثر الأشخاص الذين لا يشعرون بهذه المشكلة هم الشركة والمدير المباشر للموظف. هذه المشكلة هي الاحتراق الوظيفي والتي أود أن أسلط الضوء عليها، ولكنني سأوجه كلامي للموظف الذي يعد أكثر الأطراف تضررًا من هذه المشكلة.
هل تعاني من الاحتراق الوظيفي بشكل مؤكد؟ كيف تعرف ذلك؟ وكيف تتصرف؟
إذا تُرك الأمر دون رادع، فالإحتراق الوظيفي يمكن أن يظهر على أنه مرض جسدي وعقلي وعاطفي، ويمكن أن يكون له بعض الآثار المدمرة جدًا في المستقبل. عندما تشعر بانعدام الحافز، وفشل إخلاصك للعمل في تحقيق النتائج المرجوة فهذا بالتحديد ما يعنيه الاحتراق الوظيفي الذي تشعر به. سوف يصاحب هذا الشعور ثلاثة أعراض رئيسية تؤكد لك أنك تعاني من هذه المشكلة بنسبة 100%، وهي: عدم وجود حافز أو دافع للعمل، قلة المتعة في عملك، وعدم الإيمان بقدرتك على إكمال المهام والشعور بانعدام الكفاءة. بالتالي إذا وجدت نفسك تعاني من أبسط المهام في عملك، وتشعر بالإحباط بسهولة، وبأنك لا تستطيع القيام بأي شيء بشكل جيد، فقد تكون تعاني من الإحتراق الوظيفي.
لذلك أقول لك أخي الموظف أن هذه الدنيا ما هي إلا دار ابتلاء، نتعرض فيها للاختبار يومًا بعد يوم، وهذا هو حالها إلى يوم الحساب. فلا قرار لها ولا مستقر، وطبيعتها التقلب والتغير، فلا تثبت لأحد ولا تدوم على حال. بمجرد أن تدرك ذلك ستتغير توقعاتك وتتقبل نقص الدنيا، وتحتسب البلاء والضيق عند الله. كما ستحاول التخلص من أكبر الأضرار تأثيرًا عليك في وظيفتك، وتتعايش مع ما يمكن التعايش معه من ضرر. ولكن كيف تفعل ذلك بالتحديد؟ وكيف تبدأ؟
إذا كان عملك مصدر ضرر وأذى كبير لك، فالحل الأول هو أن تخرج من دور الضحية إلى دور الفاعل والمقاوم للظروف والظلم، وتبدأ باتخاذ خطوات أولية لرفع هذا الظلم الواقع عليك من خلال اتباع سياسة مناسبة لكل سبب من أسباب أذاك في محل عملك، سواء كان هذا السبب يتمثل في مدير ظالم، أو زميل عمل مؤذٍ، أو عميل يضغط عليك. يجب أن تضع في الحسبان أيضًا أن أي نظام في أي عمل قد تم إرساء مبادئه على تحديد أولوياتك وحقوقك على حد سواء، وهذا يعني أن النظام والقانون في صالحك.
هنا لا بد لك أن تقف مع نفسك وتحلل أسباب الأذى أو الظلم الذي أوصلك إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي، وتحدد موقفك من كلٍ منها. هل الأفضل لك أن تتقبل هذه الأسباب وتتعايش معها بما يناسب أهدافك الوظيفية؟ وهل تقبل هذه الأسباب سيؤتي ثماره ويصل بك إلى أهدافك المرجوة؟ أم أن هذا ما تقنع نفسك بك فقط وتعيش في حالة من الوهم؟ فربما يكون هناك حلول أخرى توصلك لهذا الهدف دون أن تكون مؤذية لهذه الدرجة. وهكذا، عندما تبدأ باتخاذ خطوات عملية لتحليل أسباب الأذى والتخلص منها أو التعايش معها بناءً على أهدافك الوظيفية والحياتيه والإمكانيات المتاحة أمامك، فستجد نفسك تتحول من مجرد شخص متضرر إلى متفاعل ومستفيد من هذه الظروف قدر الإمكان. وهو ما سيؤدي بدوره إلى تخفيف وقعها وتأثيرها عليك إلى أقل قدر ممكن من الأذى. كما سوف تُظهر لمن أذاك أنك قد قاومته، وأنه يتعامل مع كيان حي متفاعل مع أي شيء يحدث له، وأنك لست مجرد جماد يتقبل هذه الصدمات بلا حراك أو رد فعل مما يجعله ينظر لك بطريقه مختلفه ويحسب لردود افعالك حساب .
ختامًا، يطول الحديث في هذا الموضوع المتشعب، ويحتاج إلى نقاش ودراسات عميقة تطول وتطول، ولكنها إضاءة أحببت أن أشير إليها وألا تبقى حبيسة الخاطر، لعلها تساعدك وتضيء شيئًا ما بداخلك قد انطفأ، وتساعدك على المقاومة والتغيير.
Comments